بأمر من يتصرف ويتعامل جهاز الامن ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى ( مثل الذين أتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت أتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) صدق الله العظيم .
إطلع احد الاصدقاء على مسودة هذا الموضوع المهم قبل تمحيصه وتقديمه للقراء الكرام ، وحذرنى من مغبة الولوج فى مثل هذا الموضوع وبخاصة انه يخص هذه الفئة السلطانية التى تعتبر من اهم اركان النظام بل هى النظام نفسه . وقال لى بالحرف الواحد حيقتالوك ... قلت له وردى كان بقناعة كاملة أن الناس يطلبون الشهادة فى ساحات الوغى وانا اطلبها فى كلمة حق امام سلطان جائر ... ومن لم يمت بالسيف مات بغيره ، فالاولى لنا أن نموت من اجل هذا الوطن العظيم وهذه الامة المباركة ، فقد فعلها اسلافى من قبل حينما كان الرجل يحمل قربة الماء على كتفه ومن خلفة المرأة تحمل الذاد متجهين صوب الشمال مرددين سيروا للمهدى فى قدير من اجل هذا الوطن العظيم ولا شيئا غيره ولم يعد احد منهم ، لكن سقطت الخرطوم ومات غردون وتحرر السودان فأنا لست اشرف من اولئك الذين ماتوا فى كررى وأم دبيكرات من اجل كرامته وسؤدده ، ولست اشرف ممن قال ( نموت نحن ويحيا السودان ) ، ولست اشرف من هؤلاء الذين شردوا وهلكوا ودكت قراهم . فخيرا لى ان اموت من اجل فكرة ومبدأ من أن اموت من اجل عرضا ذائل ، فقبورنا تبنى وياليتنا تبنا قبل أن تبنى ، كل إبن انثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول ... والعاقبة للمتقين .
يعتبر جهاز الامن والاستخبارات من الشرائح المهمة فى الدولة للقيام بدورها المناط بها فى الحفاظ على الدولة ومقدرات الامة وبسط الامن وإرساء دعائم العدل والمساواة بين أبناء الوطن الواحد ولا مناص فى ذلك .
لكن للاسف الشديد تحول هذا الجهاز المهم الى مؤسسة قمع وتكميم افواه عن الحق قولا وفعلا ، لا صدق ولا إنسانية ولا وازع دينى ولا رادع ولا قيم سودانية تربوية اصيلة . فاقعد الكثيرون من ابناء الوطن الخيرين الشرفاء ، فانعدمت الشورة وانعدم الاحساس بالوطنية والمسؤلية وتشرد الكثيرون الخيرون من ابناء الوطن وهجروا الديار ... فأرض الله واسعة ... وانعدمت الهمة وراحت الفكرة لبناء سودان مستقبل ينعم بالامن والاستقرار والاحترام المتبادل لكل ابنائه بمختلف مشاربهم شعاره فى ذلك أنا سودانى وهذا هو السودان قدح الضيفان ، لا فيه فرق لأبيض على اسود ولا شمالى ولا جنوبى ولا غربى ولا شرقى فكلنا اخوان ويمكن لك ان تنام قرير العين هادئ البال فى حلفا او نيالا او مريدى او بورتسودان فانت فى أرضك أرض المحبة الراسخة والتحنان فالسودانى سودانى من نملى الى حلفا ومن الجنينة الى بورتسودان لكن للاسف انعدمت الشورة وإنهارت الدولة بالجهوية والهيمنة والاستعلاء والتسلط .
هذه التقارير الامنية التى تصاغ كلها غير نزهية ومغلوطة لاشياء فى نفوس اصحابها أو ربما للتدرج الى اعلى او لمنفعة شخصية او لمكر شيطانى ، فترهب من هم بالخرطوم فيصدر القرار اضربوهم ضرب قرائب الابل واحزمهم حزم السلمة اقتلوهم بددا ولا تتركوا فيهم احدا ... فيفرح الشيطان ويقول الم اقل لكم الان اخذتم الضوء الاخضر ... هيا إليهم اضربوهم شردوهم فأنت غير مسئول نفذ الم تسمع القرار . فتنعدم الاخلاق ويتفشى الهلاك بانواعة على ابناء هذه الامة الفاضلة ، فهؤلاء كأنهم ليسوا من هذا الشعب وليسوا من رحم هذه الامة لا شفقة ولا رحمة الا من الله رب العالمين الذى كرم إبن ادم وهم لحكمه يتجاهلون .
فإذا كانت هذه التقارير نزيهة لما قامت حرب دارفور ولم يدخل السودان فى هذا الموقف الرهيب الذى لا يحسد عليه ، هذه الحرب التى نفى المسئولين وجودها من اصله وتنكروا لاسبابها فحرقت قرى وشردت اسر وزحقت ارواح نتيجة لتلك التقارير المجحفة فى حق اهل دارفور ، وعندما أثبتها الاخرون ، تراجعوا واكدوا ذلك أن هنالك فعلا مشكلة ولها اسبابها وذلك لأنهم يحكمون السودان من الخرطوم معتمدين فى ذلك على هذه التقارير المريبة . وخير مثال لذلك مسيرة بورتسودان السلمية المطليية التى قمعت وهلك فيها من هلك ثم يتراجعون ويعترفون بأن اهل الشرق يحق لهم فهم مظلمون كأن شيئا لم يكن فتسير ارتال من الشاحنات المحملة بالمنافع الى بورتسودان لرأب الصدع وتصحيح الاوضاع ويأمر آمر ناهى باقامة المحاكم للجناة من الأمنين والعسكرين الذين أ زهقوا ارواح الشهداء المساكين والاعتراف بالجبهات المناوئة لفتح حوار للسلام . وكذلك عندما انزلت زوجة الوزير السابق الحاج ادم يوسف وابنائها قبل نصف ساعة من اقلاع طائرة الخطوط البريطانية رغم انهم اكملوا كل اجراءات السفر ليضربوا ويبهدلوا دون مبرر فلا حسيب ولا رقيب . وايضا عندما انزل قادة منبر دارفور للحوار والتعايش السلمي الفريقين ابراهيم سليمان وصديق محمد اسماعيل واخرين من الطائرة وهم فى طريقهم الى ليبيا للمساهمة فى إيجاد حل لمشكلة دارفور لايقاف نزيف الدم الذى سببته هذه التقارير المعيبة لادراكهم التام بحجم المصيبة ثم يعود الامر الناهى بعد الاعتراف بالخطأ ويسمح لهم بالرحيل وايضا عندما اقتيد امين اعلام روابط طلاب ابناء دارفور بالجامعات والمعاهد العليا بالعاصمة الاستاذ ابراهيم بقال وضربه واهانته ولم تثبت بحقه تهمة ولم يقدم لمحاكمة ما بجرم مشهود لا رقيب ولا حسيب ، وأ خيرا التهجم على دار حزب الامة وضرب من بداخلها ومصادرتها لا لشئ وإنما لرأى ابداه رئيس الحزب فى القرار الاممى الاخير لا رقيب ولا حسيب وايضا طلاب الجامعات منهم من استشهد ومنهم من هو طريح فراش يتأوه جراء جراحه واخيرا جامعة الفاشر وما شابها من مواجهة .
كل هذه الشواهد تؤكد ان الجهاز هو السلطة وهذا لايهم فى شئ بقدر ما يهمنا ان هذا الجهاز انحرف انحراف كلى عن الفكرة التى قام من اجلها وحاد عن المهام الوطنية الخاصة المناط به وذلك لانه اصبح جهويا بدلا ان يكون قوميا ميالا للحفاظ على الوطن وابنائه صار اهتمامه بمن هم بالسلطة اكثر من الحفاظ على الامن القومى السودانى ، فاقحم هذا الوطن العظيم فى الذى نحن فيه الان وما هى الفائدة ؟ عندما تغرق سفينة النجاة بمن فيها . لذا ينبغى الانتباه لذلك واعادة النظر فيه وفى ذاته وتصرفاته لاعادة صياغته القومية وتحديث فعاليته المستحدثة المرجوة كما نطالب ان يكون هذا الجهاز احد اجندة وبنود الدستور القومى الذى يتنادى له الكل فالجهاز ليس حكرا لأحد ينبغى ان يصاغ صياغة قومية .
المطلوب الان من كل اهل السودان وكل غيور عليه التفكير فى ايجاد مخرج مما نحن فيه للحفاظ على الامة ومقدراتها بدلا عن من هو معى ومن ضدى والسعى الجاد فى لم الشمل بالتراضى وباية كيفية محمودة ذلك أرحم كثير من المماطلة والتشدد الذى لا يخدم غرض فالشواهد كثيرة من حولنا لا تحصى ولا تعد والكيس من دان نفسه فلا مسيرة مليونية ولا حمر النعم تجعلنا نتجاوز ذلك القرار حيث اننا اول من وقع والتزم بقرارات الامم المتحدة ... وحسبنا الله ونعم الوكيل .
آدم محمد إسماعيل الهلباوى