21/04/2005 م
نملك القارئ نبذة قصيرة عن الرجل الذي سوف يقود محاكمة مجرمي الحرب في دارفور وهو الرجل الوحيد الذي يعرف اسماء هؤلاء المجرمين حتى الآن اذا اعتبرنا ان كوفي عنان نفسه لم يفتح تلك الظرف بل سلمه مختوما بالشمع الأحمر دون معرفة محتوياته.
أنه الأرجنتيني لويس اوكامبو مارنو الذي ولد في الأرجتين عام1953 ويبلغ من العمر 52 عاما، وعن خبرته التي جعلته يتولى رئاسة المحكمة الجانية الدولية، أنه عمل مدعيا عاما بين عامي 1984 إلى 1992 في الأرجنتين وقام بمحاكمة كبار قادة الجيش والجنرالات الذين قتلوا أكثر من 15 إلف شخصا في الحرب الأهلية في الأرجنتين بين عامي 1976 و 1983 أثناء الحكم العسكري الدكتاتوري، ويقول عن تلك الحقبة: عشت في دولة متوحشة لا قانون فيها يحمي الإنسان فالحكومة هناك كانت تقتلنا بدلا من إن تحمينا،،.
بدأ عمله بمحاكمة كبار القادة في الجيش وثلاثة ولاة ولايات مما جعله يشتهر بين الأرجنتينيين ويقول بأنه قد تعرض لمخاطر عديدة من جراء عمله وأشهر تلك المخاطر عندما هدده ثمانون ضابطا بالقتل إذا استمر في ملاحقتهم، ولكنه لم يخف بل واصل عمله بالإصرار والتفاني دون وجود حماية. وقد حاكم قيادات عسكرية لأربع حركات تمرد، ويقول أنه قد لقي معارضة حادة داخل أسرته وخاصة من زوجته نظرا للمخاطر التي كان يتعرض لها. كما أنه قد عمل على محاكمة عدد من مجرمي الحرب في دول أمريكا اللاتينية ويقول بأنه تمكن من خلال تلك المحاكمات، جلب الديمقراطية والسلام والإستقرار ليس للأرجنتين فقط بل لجميع دول أمريكا اللاتينية. أما أهم المحاكمات التي قام بها على الإطلاق فهي تلك التي حاكم فيها خمسة جنرالات محصنين من قبل الدولة، ويقول بأنها قد أحدثت تحولا كبيرا في العالم حيث أعطت إشارات إلى أنه لا توجد حصانة أمام القانون.
في عام 1995 أسس مورينو مكتب خاص للنظر في القضايا التي ترفعها اليه المنظمات الإنسانية المختلفة والتي تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وقد تحدى خلالها نظرية الحماية والحصانة للمجرمين.
عمل محاضرا للقانون في كلا من الجامعات: بونس ايرس، هارفارد واستانفود في الولايات المتحدة الأمريكية وله العديد من المؤلفات والكتب في المجالات الحقوقية. كما انه عمل محاميا لوزير المالية في الأرجنتين وللاعب كرة القدم الأرجنتيني الشهير دييقو مرادونا.
في عام 2002 جاءته مكالمة هاتفية تبلغه بأنه من بين المرشحين لتولي مهام رئاسة محكمة الجزاء الدولية الICC في لاهاي، ليتم تعيينه رسميا في أبريل 2003 ويكون بذلك أول رئيس للمحكمة الدولية. ومنذ ذلك الحين لم تقم هذه المحكمة إلا ببعض التحقيقات والمحاكمات لبعض الحالات المحولة إليها بواسطة الدول الأعضاء مثل جرائم الحرب في يوغندا وكونغو وكلا الدولتين عضويتين في مقررات روما التي تأسست منها هذه المحكمة،
في صبيحة الثلاثاء 12/4/2005 سلمه كوفي انان مظروفا مختوما بالشمع الأحمر يهوي أسماء 51 شخصا متهمين بأكبر الجرائم التي يرتكبها بشر على ظهر هذا الكوكب اطلاقا مثل التطهير العرقي، ابادة الإنسان والحيوان والنبات ، حرق القرى، تدمير سبل حياة الإنسان من مأكل ومشرب، اغتصاب النساء، النهب بشتى أشكاله، طرد الناس واحتلال قراهم وأشكال أخرى من الجرائم الكبرى في حق الإنسانية ملخصة في النقاط الثلاثة التالية:
- جرائم الإبادة الجماعية.
- جرائم ضد الإنسانية.
- جرائم ضد حقوق الإنسان.
ويعتبر هذه الحالة هي الأولى من نوعها التي يتخذ فيها مجلس الأمن قرارا بإحالتها إلى محكمة الجزاء الدولية كما أنها المرة الأولى التي يقوم فيها أمين عام للأمم المتحدة بتسليم أسماء متهمين إلى مدعي عام في التاريخ. ويقول جان مانديز الخبير في الإبادة الجماعية بالمنظمة الدولية بأنه فرصة ثمينة للويس مورينو أوكامبو لإثبات وجوده كمدعي عام وتأسيس هذه المحكمة وتثبيتها.
وفي مقابلة صحفية مع لويس مورينو ظهر الرجل واثقا من إمكانياته نظرا لعناده المعهود وخبرته الواسعة إضافة للدعم الذي يجده من قبل المجتمع الدولي، فقال بأنه قطع مسافة 40 ألف كيلومترا عبر خلالها ثلاثة قارات ليتسلم هذا الملف، حيث أنه كان في الأرجنتين عندما اتصل به كوفي أنان، فتوجه فورا من هناك إلى لاهاي ثم نيويورك، وأضاف بأن هدفه الأول هو حماية الضحايا من الحروب التي تدار الآن في الكون، ويضيف بأن العالم منذ الحرب في البوسنه وبوروندي قد تغير كثيرا وأن مهماته في الثمانينات كانت في دول أمريكا اللاتينية وفي التسعينات في دول أوروبا الشرقية والآن في أفريقيا. ويتساءل كيف يرفض أحد في القرن الواحد والعشرين أن يحاكم مجرم في الإبادة الجماعية أينما وجد.
السودان ليس عضوا في المحكمة ولكن تم أحالة هذه القضية اليها نظرا لعدم قيام الحكومة بتقديمهم للمحاكمة بنفسها رغم المطالب المتكررة من المجتمع الدولي بأسره بالإضافة إلى أن معظم قوانين الدول مثل السودان لا يشتمل على نصوص واضحة لمحاكمة المتهمين في مثل هذه الجرائم، يضاف إلى ذلك قناعة المجتمع الدولي بعدم وجود قضاء عادل في السودان ووجود الحصانات التي تعيق سير العدالة.
تتكون المحكمة من أربعة أقسام بها أربعة مجموعات من الموظفين الذين يبلغ عددهم 85 شخصا من 34 بلدا ونائب لويس مورينو هو الغامبي فاتو بنسودا.
ويقول مورينو بأن ال ICC يحتاج إلى تحالفات مع الدول القوية لمواجهة الرفض الأمريكي بوجودها ويعتبر جنوب أفريقيا الذي زاره وقابل رئيسه تابو مابيكي وكبار المسئولين هناك بأنه حليف استراتيجي للمحكمة في أفريقيا.