ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
نحو منهج ديموقراطي (2) بقلم د. فاطمة حسن الشيخ
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 4/18/2005 3:21 م
نستسمح الصينيين بأن نأخذ منهم العبرة والدروس ، بعد أن أخذوا زمام المبادرة من قلب معاناتهم وهزائمهم و انكسارهم أمام الأجنبي ، من منتصف القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين . فخرجوا للعالم بعد المراجعة والنقد في مطلع الثمانينات من القرن المنصرم ، راجعوا مناهجهم الدراسية وغيرها من المناهج التي كانت تسير عليها حياتهم ، وشخصوا مواطن الضعف ، وحددوا مناطق القوة فيها ، وبدأوا في المعالجات ، حددوا أهدافهم و وضعوا الخطط والإستراتيجيات بأبعاد مختلفة ، فالتزموا الجدة والصرامة والدقة في تنفيذها ، وفي نهاية التسعينات بدأت المصانع الخاصة والشركات التجارية تنهض بتحسين نوعية منتجاتها وأصبحت منافساً كبيراً لدول كبرى مثل أمريكا و أوربا ، وفتحت لها فروعاً في أوربا والشرق الأوسط وغيرها من بلاد العالم ، وفي مطلع هذا القرن أصبحت مدنها الكبرى تضاهي مثيلاتها في البلدان المتقدمة ، وذلك بعد أن عملت على تحديث بنيتها التحتية من بناءٍ للقاعدة العلمية وتدريب للعمال المهرة والكوادر الفنية التي زودتها بدراسة التقنية العالية ومطلوبات الصناعة الحديثة . و انعكس ذلك في مطارات كبيرة وعمران راقٍ وقطاع خاص قوي ، واستحواذ على 50% من مصانع الملبوسات والأقمشة من مجمل إنتاج العالم و إنتاج للتكنولوجيا العالية ونمو اقتصادي يقارب ال 10% سنوياً واقتصاد منافس للدول الكبرى في العالم ، و لم تترك الصين فرصة العولمة بل استفادت منها في نشر ثقافتها المصاحبة لنهضتها العلمية ، من طب شعبي و أساليب في الرياضة الروحية وغيرها ، فظهرت عملاقاً عظيماً للعالم ، وأصبحت رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه . ونستلهم من اليابان التي خرجت من أكوام ا لرماد ونفايات الذرة والقنبلة الذرية في نجازاكي وهيروشيما بعد الحرب العالمية الثانية ، خرجت أكثر قوة ونهضت بعلمها وتقنيتها وصارت إضافة أخرى للحضارة المعاصرة ، حدث ذلك بعد أن رعت مبدعيها ومفكريها و فنانيها وعلمائها ، و وسعت من حركة الترجمة والنشر ...فظهر عملاق جسور ثانٍ . هذه الدول العملاقة وتلك الشعوب الحية ، لم تكن الثورة العلمية و التكنولوجية التي حدثت في الغرب و انتظمت العالم كله ، لم تكن وبالاً عليها ، كما أنها لم تسلم أمرها للواقع ،بل بدأت به و انطلقت منه وأخذت تراجع مناهجها وتنتقد نفسها , فاستعادت جوهر ثقافتها ، واستلهمت من واقعها مقاومة الوعي الزائف والظواهر السلبية للثقافة الوافدة مع العولمة ، فأخذت إيجابياتها ، وتسلحت بأسلحة عصرها وعوامل التقدم فيه كنقطة ارتكاز لنهضتها . فهلا أخذنا الدرس !! لا يحدث التقدم بالتمني ولا الشعارات ولا التراخي و التواكل ! فلنبدأ من كل عوامل التخلف الداخلي فينا ، ولنتفوق على مآسينا وفواجعنا وجراحاتنا العميقة ونحولها إلى عمل إبداعي تاريخي كبير . ولنقم بتقويم تجاربنا، وتحديد أهدافنا ، ونحلم بما سيكون ، ولنقرن الحلم بالعمل ، ولتكن لنا رؤيتنا الخاصة المنبثقة من واقع الدمار والخراب ، لنرسم بها خارطة لوطننا الجديد ، إطارها الأمل والثقة في أبناء شعبنا العظيم ، وقلبها العمل الجاد ، و أفقها تحدي اليأس ، ونبضها الحي الحرية والخطط و ابتداع الخيارات والبدائل للاستراتيجيات ، والمراجعة الدائمة بل واليومية . ولنبتدع لنا لغة خاصة وجديدة ، نسكت بها صوت المدافع ، وننهض بها لغة الحوار والتسامح والتعايش السلمي . وليتنادى جميع السودانيين في داخل الوطن وخارجه ، من علماء ومفكرين ومبدعين وهامشيين وسياسيين وفنانين وأدباء وشعراء وغيرهم ، ليتوجهوا لقضايانا الجوهرية مباشرة ، و لينقبوا في ثقافاتنا المتنوعة ، و أدبنا الرفيع ،ودياناتنا السامية ، وأعرافنا المحلية ، وحضاراتنا العريقة ، وبيئتنا الزاخرة بالخير ، من اجل حركة تحديثية عنوانها التنمية ، وأساسها بناء قاعدة تعليمية متقدمة ومؤسسات مدنية فاعلة ، وافقها المحرك الإنسان السوداني ، و هدفها بروز عملاق ثالث ، وهو - السودان المعافى - الذي سيفاجيء القرن ال21 .