مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

نموذج التجربة الهنديـة في معالجة قضايـا التعدد والتنوع الثقافي والديني في إطار الحكم اللا مركزي بقلم مدينق ودا منيل

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/18/2005 7:54 ص

تعتبر الهند من أكبر دول العالم التي تنهج نهجاً ديمقراطياً تعددياً ، و يتكون نظام الدولة في الهند من 28 ولاية فدرالية و 7 وحدات إدارية . الهند دولة ذات سيادة ، و نظام الحكم فيه اشتراكي ديمقراطي علماني . تغطي الهند 2.4 % من مساحة العالم ، كما يشكل سكانها نحو 15 % من سكان العالم. تتنوع الهند في شتى المجالات الثقافية والدينية و الإثنية . حكم الفرس و شعوب أسيا الوسطي و أفغانستان و العرب و الغرب الهند منذ عهود قديمة . يعتبر الدين و الطبقات و تنوع اللغات من السمات الأساسية للمكونات السياسية الحالية في البلاد. يدين 83 % من سكان الهند بالهندوكية ، إضافة إلى 120 مليون مسلم و بعض الأقليات الدينية. يتوزع سكان الهند في القرى و المدن ، حيث يسكن 70% من السكان في حوالي 550,000 قرية ، و يتوزع الباقون على ما يتجاوز 200 مدينة.

نظام الحكم البرلماني
يحكم الهند حالياً بدستور وطني تبناه أول برلمان وطني بعد الاستقلال من التاج البريطاني في 15/08/1947 بعد أن حكم البريطانيون البلاد لمدة خمسة قرون .

الدستور الهندي
يعتبر الدستور الهندي من أطول دساتير العالم, حيث تتكون من 395 بند و ثمانية جداول ملحقة بالدستور, رغم أن البرلمان قد صوّت على الدستور في 26/11/1949، إلا أنه أصبح سارياً في 26/01/1950
و بموجب هذا التصويت تم إعلان الجمهورية.

نظام الحكم في الهند فدرالي
يخول دستور الهند سلطات للمركز و للولايات على حد سواء ، بينما تتوزع الصلاحيات التشريعية و التنفيذية بين المركز و الولايات . تتبع صلاحيات الحكومة المركزية دائماً للبرلمان القومي ، بينما تنضوي صلاحيات الجهاز التنفيذي تحت لواء الحكومة المركزية.
يتكون المجلسين التشريعيين المركزيين من (راجا سبا) مجلس الشيوخ ، و(لوكسبا) مجلس النواب , يتم اختيار رئيس الجمهورية من قبل أعضاء مختارين يحق لهم التصويت من المجلسين المركزيين و الأعضاء المختارين من المجالس والولايات . مدة حكم الرئيس خمسة سنوات ، و يتمتع بصلاحيات واسعة فهو القائد العام للقوات المسلحة ، و يحق له حل البرلمان إذا فشل في أداء دوره كما ينص عليه الدستور , كما يحق له المشورة في المسائل القومية ، إضافة إلى حق تجميد الحكومات الولائية . تخضع السلطات الحكومية التنفيذية لرئيس الوزراء ، و ذلك باعتبار أن نظام الحكم برلماني و ليس رئاسياً .

(راجا سبا)(مجلس الشيوخ):-
يتم اختياره من قبل نواب مختارين من مجالس الولايات لهم الحق فقط في التصويت . و يتكون المجلس من 250 نائباً يختار الرئيس 12 منهم و غالباً ما يكونون من الأدباء أو العلماء أو الفنانين أو الشخصيات العامة . أما 238 الباقون فيتم اختيارهم بواسطة مجالس ولائية ووحدات إقليمية تحت الإدارة المباشرة للرئيس ، و ثلث أعضاء يتم إعفائهم من مناصبهم كل عامين . كما يتم إعادة انتخابهم خلال ذات الفترة الزمنية (عامين). ً

(لوكسبا)(مجلس النواب):-
يتم اختيار أعضاءه بالانتخاب الحر المباشر في جميع أنحاء البلاد و يتكون (لوكسبا) من 550 عضواً ، 530 من الولايات و 20 من وحدات إدارية تخضع لسلطة الرئيس . مدة هذه المجلس خمس سنوات اعتبارا من تاريخ أول جلسة برلمانية .يرأس الجلسات رئيس البرلمان ، و يجتمع المجلسين كل 6 أشهر من تاريخ أخر جلسة برلمانية.

(لوكأدلت) (أجاويد)
عبارة عن مجلس محلي للبّت في الشؤون المحلية و يكون حكمه دائماً بالتراضي بين الأطراف المتنازعة.


مجالس الولايات
يرأس الحكام الولايات المختلفة ، و يتم اختيار الحكام من قبل رئيس الجمهورية بموافقة البرلمان القومي ، بينما يرأس حكومة الولاية رئيس وزراء الولاية , أما في حالة الوحدات الإدارية ، فإنها تحكم مباشرة من قبل رئيس له الحق في تعيين نائب عنه بالتشاور مع البرلمان .
الانتخابات في الهند
يحق لكل مواطن هندي يتجاوز عمره 18 سنة التصويت ، كما يحق لكل مواطن يفوق عمره 21 عاماً حق الترشيح . و في آخر انتخابات تم إجراؤها شارك ما يقارب 700 مليون شخص في عمليات التصويت ، مما يجعل الهند أكبر دولة في العالم بنسبة لعدد السكان المشاركين في الاقتراع .


الأحزاب السياسية في الهند
تنقسم الأحزاب السياسية في الهند إلى فئتين :

• الأحزاب القومية. و هي عبارة عن أحزاب تتمتع بوجود قومي أي أن لها نشاطاً فعلياً في أكثر من 4 ولايات. من الأحزاب القومية الهندية حزب المؤتمر الوطني الذي تأسس عام 1885 و هو من أعرق الأحزاب الهندية.

حزب بريهاتاجاناتا فارتي الذي أسسه الدكتور شام فرساد مكرجي عام 1980 ، و ذلك بعد عدة تحالفات و انقسامات في أجنحة اليمين الهندوسي ، و يعتبر من أكبر الأحزاب الهندية.
الحزب الشيوعي الهندي تأسس بعد أحداث الثورة الاشتراكية العظمى في 26/12/1925 و الحزب الشيوعي الماركسي و هو نتاج للانقسام الذي حدث في الحزب الشيوعي بالهند . أدى هذا الانقسام إلى تكوين الحزبين الشيوعي الهندي و الماركسي . و يعتبر هذين الحزبين من أعراق الأحزاب الشيوعية الديمقراطية في العالم.

بجوان سماج فارتي ( بي .أس . في )
أسسه كنيش رام عام 1984م . من أهداف الحزب المطالبة بحقوق الطبقات المهمشة في المجتمع الهندي . السكرتير العام للحزب هي السيدة مياواتي . يتمتع هذه الحزب بشعبية مذهلة في كل من ولايات البنجاب , أتر براديش , هاريانا ماضيا براديش (( BSP . اندمج الحزب لاحقاً مع سمج وادي فارتي ((SP ليكونّا حزباً جديداً يسمى باهوجان سماج أي (BS ) . بدأ هذا الحزب يضطلع بدور رئيس في العملية السياسية في الهند لتمتعه بشعبية كبيرة وسط الطبقات الدنيا من المجتمع . و تلعب التحالفات السياسية مع الأحزاب اليمينية أو اليسارية كلما دعت الضرورة دوراً أساسياً في مسيرة الحزب .


الأحزاب الإقليمية : و هي أحزاب متعددة , مثال حزاب التلقو ديسام في أندرا براديش , أسام قنا برشاد في أسام,جاركان موكتي مورشا في بهار, و (أم دي أم كي) و( دي أم كي) في تاميل , شيف سينا في مهرشترا , و أكالي دال في البنجاب. و غيرها من الأحزاب .


القضاء في الهند
يتألف النظام القضائي في الهند من محكمة عليا مركزية في دلهي و محاكم عليا ولائية و عددها 18 محكمة عليا . ثم محاكم محافظات و محاكم إدارية مختلفة في المجالس الريفية . يتمتع النظام القضائي في الهند باستقلالية تامة . و بذلك لا يجوز التدخل في شؤون القضاء من قبل أي سلطة حكومية مهما علا شأنها . و على سبيل المثال عندما أصدرت المحكمة العليا في دلهي حكمها ببطلان إعلان حالة الطوارئ التي كانت قد أعلنتها آنذاك رئيسة الوزراء الهندية السيدة أنديرا غاندي ، قررت المحكمة العليا إثر الشكوى المقدمة من أحزاب المعارضة تجريدها من الحصانة التي تتمتع به و سجنها في عام 1977. يعتبر هذا القرار بمثابة تحول حقيقي نحو استقلالية القضاء في الهند.


علاقات مجالس التشريعية الولائية بالمجلس التشريعي المركزي ( البرلمان )
حسب الدستور فأن للبرلمان القومي حق سن القوانين علي نطاق الدولة مع مراعاة الخصوصيات الولائية ، و بعد الرجوع إلى لائحة القوانين .
كما يجوز لمجالس للولايات سن قوانينها في إطار ولاياتها وفقاً للوائح القانونية المسموح بها حسب الدستور .


اللغات القومية في الهند
من أهم سمات النظام الفدرالي في الهند الاعتراف بالتنوع الديني و العرقي و الثقافي و الإثني . كما يوجد في الهند أكثر من 50 لغة معترف بها من قبل الدولة ، و لكن 14 فقط من تلك اللغات المعترف بها تعتبر لغات قومية ، أي يمكن استخدامها للحديث في البرلمان القومي و مرافق الدولة الأخرى . و من الأمثلة على تلك اللغات الهندية , الأوردو , الإنجليزية , التاميل , المهراتية , الكونكوني , الملايلم , الكرناتكية , التلقو , البنجابية , الكشميرية , البنغالية , القوجراتي و الأسامية.
تدرس هذه اللغات في المدارس و الجامعات وهي للغات للتخاطب في وسائل الإعلام علي المستويين الولائي والقومي. كما أن لهذه اللغات دوراً حيوياً في مجالات الفنون و الآداب و الشعر و السينما و تثقيف عامة الناس.


النظام الطبقي في الهند
يتكون المجتمع الهندي تاريخياً وحتى يومنا هذا من طبقات اجتماعية متمايزة في صلب المجتمع الهندي، و على الرغم من أن القانون الهندي يمنع هذا النظام الطائفي البغيض ، الإ أن الطبقية ما زالت تمارس بشكل مخل بالقانون في بعض المجتمعات القروية المتخلفة وكذلك في أوساط أهل المدن . تستفيد بعض الفئات من استمرار هذا النظام اللاإنساني الذي تنتهجه أداة من أدوات القهر للمجتمعات الدنيا، و تنقسم الهند الى طائفتين رئيستين :


الطبقة العليا. و يسمونهم (البرهمان) و يمثل هؤلاء 5% من سكان البلاد و يتمتعون بنفوذ ديني و سياسي و اقتصادي في البلاد. و يخرج من هذه الطبقة الحكام و قادة الجيوش و رجال الأعمال و الأطباء و المهندسون و القضاة و رجالات الدولة.


الطبقة الدنيا: من المسحوقين (المهمشين) من أبناء الهند و يشكلون 95 % من سكان البلاد و ينقسم هؤلاء الي ثلاثة فئات .

• (Scheduled Caste) طبقة الدنيا حسب الجدول:-
يسمى هؤلاء Untouchable أي غير المسموح بلمسهم ، و لا يسمح لهم بالاختلاط مع الآخرين من الطبقات العليا. و يسمون أنفسهم (داليت). كانت هذه الفئة تسمى حتى عام 1980 هرجان أى أبناء الله ، و قد منحهم هذه التسمية السيد المهاتما غاندي الأب الروحي للثورة الهندية.

• (Scheduled Tribes) طبقة القبائل:-
هذه المجموعة صنفت بناءاً علي رغبتهم و رفضهم للانتماء لأي مجموعة أخرى , حيث اعتادوا العيش في الغابات والمناطق الجبلية الوعرة . و لا يزالون على تمسكهم بعاداتهم وتقاليدهم الهندوسية القديمة , و أحياناً يسمونهم (أبورجانس الهند) نسبة لأصالتهم و عدم اختلاطهم بالآخرين .

• (Backward Classes) أي المجموعات المتخلفة:-
تضم هذه المجموعة Sudra Varna و أيضاً مجموعات من الهرجانس الذين اعتنقوا الديانات الأخرى غير الهندوسية ، و يمارس بعض هذه القبائل النهب و السلب وسيلة من وسائل المعيشة في مجتمعاتهم.
حسب سياسيات الحكومة المركزية , فأن هذه الفئات الثلاثة تتمتع بما يسمى بالتمييز الإيجابي ، و تعرف هذه المجموعات الثلاث أحياناً باسم المجموعات المتخلفة.
ينتمي 15% من سكان الهند إلى المجموعة الأولى ، و عليه فقد انتهجت الحكومة سياسات مركزية معينة في التعامل معهم ، و ذلك بتخصيص 15% من الوظائف الحكومية و 15% أخر من فرص القبول في الجامعات و المعاهد العليا لصالحهم .
تمثل المجموعة الثانية نسبة 7.5 من تعداد السكان ، و لذا يتمتعون بنفس النسبة في فرص العمل و القبول في الجامعات و العاهد العليا.
و تشكل المجموعة الثالثة 50% من سكان الهند ، و لكنهم يمنحون 27% من الوظائف في الحكومة المركزية و على مستوى الجامعات أيضاً.
لكل من حكومات الولايات سياساتها الخاصة بالتمييز الإيجابي ، و ذلك حسب التوزيع السكاني في الولاية إضافة إلى بعض الاعتبارات و التوازنات الأخرى .
تتمتع المجموعة الثانية بسياسة ملكية الأراضي في الهند باعتبارهم من سكان البلاد الأصليين. و يمنحهم الدستور هذا الحق دون سواهم .
من سيئات هذه السياسات استغلال هذا الوضع المتميز وفقاً للمتغيرات السياسية و الاجتماعية و القانونية. و عليه يمارس بعض أبناء تلك المجموعات أدواراً سلبية ، مما يضطر السلطات المختصة إلى اتخاذ قرارات قانونية قد تؤدي إلى حرمان هؤلاء الأشخاص المنتفعين من الامتيازات.
على الرغم من اهتمام الدولة بهذه السياسات الإيجابية ، فإن الهوة الاجتماعية ما زالت شاسعة و تزداد توسعاً بين الطبقات . تتميز الطبقة العليا بأوضاع اجتماعية متميزة ، كما يظهر ذلك أيضاً بصورة جلية لدى المنتمين إلى الطبقات الدنيا شعوراً بالقهر الاجتماعي و اضطراراً إلى ممارسة بعض المهن و الحرف المتواضعة التي لا يرضى غيرهم امتهانها .


دور الدين في الحكم
يوجد في الهند العديد من الديانات . يشكل الهندوس 85 % من سكان الهند ، بينما يمثل المسلمون 12 % من السكان و تتوزع البقية و نسبتها 3% بين طوائف دينية متعددة مثل السيخ و المسيحيون و البوذيون و المجوس .. إلخ . اتخذت الهند نهجاً ديمقراطياً علمانياً في الحكم، فعلى الرغم من وجود هذه الكم الهائل من الهندوس ، إلا أن دستور الهند علماني يمنح كل قوميات البلاد حقوقاً متساوية دون تمييز بسبب الدين أو العرق أو الجنس . لذا نجحت الهند منذ البداية و نتيجة حكمة الرعيل الأوائل من الحكام الوطنيين و تمكنت من وضع فلسفة عمل سياسية في الاتجاه الصحيح إلى يومنا هذا.
السؤال المطروح الآن هل من الممكن الاستفادة من التجربة الهندية في معالجة قضايا الأقليات القومية و الدينية و الثقافية و الاجتماعية والسياسية في السودان دون اللجوء إلى استخدام سياسات إقصاء الآخر و عدم الاعتراف بالتنوع في المكونات الدينية و الثقافية و السياسية .. إلخ

إذا كانت الإجابة بنعم فما السبب في عدم الاستفادة من تلك التجربة الفريدة مع مراعاة الخصوصيات الجيوبوليتيكية في السودان .

مدينق ودا منيل
[email protected]
[email protected]






للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved