الدستور الهندي
يعتبر الدستور الهندي من أطول دساتير العالم, حيث تتكون من 395 بند و ثمانية جداول ملحقة بالدستور, رغم أن البرلمان قد صوّت على الدستور في 26/11/1949، إلا أنه أصبح سارياً في 26/01/1950
و بموجب هذا التصويت تم إعلان الجمهورية.
نظام الحكم في الهند فدرالي
يخول دستور الهند سلطات للمركز و للولايات على حد سواء ، بينما تتوزع الصلاحيات التشريعية و التنفيذية بين المركز و الولايات . تتبع صلاحيات الحكومة المركزية دائماً للبرلمان القومي ، بينما تنضوي صلاحيات الجهاز التنفيذي تحت لواء الحكومة المركزية.
يتكون المجلسين التشريعيين المركزيين من (راجا سبا) مجلس الشيوخ ، و(لوكسبا) مجلس النواب , يتم اختيار رئيس الجمهورية من قبل أعضاء مختارين يحق لهم التصويت من المجلسين المركزيين و الأعضاء المختارين من المجالس والولايات . مدة حكم الرئيس خمسة سنوات ، و يتمتع بصلاحيات واسعة فهو القائد العام للقوات المسلحة ، و يحق له حل البرلمان إذا فشل في أداء دوره كما ينص عليه الدستور , كما يحق له المشورة في المسائل القومية ، إضافة إلى حق تجميد الحكومات الولائية . تخضع السلطات الحكومية التنفيذية لرئيس الوزراء ، و ذلك باعتبار أن نظام الحكم برلماني و ليس رئاسياً .
(راجا سبا)(مجلس الشيوخ):-
يتم اختياره من قبل نواب مختارين من مجالس الولايات لهم الحق فقط في التصويت . و يتكون المجلس من 250 نائباً يختار الرئيس 12 منهم و غالباً ما يكونون من الأدباء أو العلماء أو الفنانين أو الشخصيات العامة . أما 238 الباقون فيتم اختيارهم بواسطة مجالس ولائية ووحدات إقليمية تحت الإدارة المباشرة للرئيس ، و ثلث أعضاء يتم إعفائهم من مناصبهم كل عامين . كما يتم إعادة انتخابهم خلال ذات الفترة الزمنية (عامين). ً
(لوكسبا)(مجلس النواب):-
يتم اختيار أعضاءه بالانتخاب الحر المباشر في جميع أنحاء البلاد و يتكون (لوكسبا) من 550 عضواً ، 530 من الولايات و 20 من وحدات إدارية تخضع لسلطة الرئيس . مدة هذه المجلس خمس سنوات اعتبارا من تاريخ أول جلسة برلمانية .يرأس الجلسات رئيس البرلمان ، و يجتمع المجلسين كل 6 أشهر من تاريخ أخر جلسة برلمانية.
(لوكأدلت) (أجاويد)
عبارة عن مجلس محلي للبّت في الشؤون المحلية و يكون حكمه دائماً بالتراضي بين الأطراف المتنازعة.
مجالس الولايات
يرأس الحكام الولايات المختلفة ، و يتم اختيار الحكام من قبل رئيس الجمهورية بموافقة البرلمان القومي ، بينما يرأس حكومة الولاية رئيس وزراء الولاية , أما في حالة الوحدات الإدارية ، فإنها تحكم مباشرة من قبل رئيس له الحق في تعيين نائب عنه بالتشاور مع البرلمان .
الانتخابات في الهند
يحق لكل مواطن هندي يتجاوز عمره 18 سنة التصويت ، كما يحق لكل مواطن يفوق عمره 21 عاماً حق الترشيح . و في آخر انتخابات تم إجراؤها شارك ما يقارب 700 مليون شخص في عمليات التصويت ، مما يجعل الهند أكبر دولة في العالم بنسبة لعدد السكان المشاركين في الاقتراع .
الأحزاب السياسية في الهند
تنقسم الأحزاب السياسية في الهند إلى فئتين :
• الأحزاب القومية. و هي عبارة عن أحزاب تتمتع بوجود قومي أي أن لها نشاطاً فعلياً في أكثر من 4 ولايات. من الأحزاب القومية الهندية حزب المؤتمر الوطني الذي تأسس عام 1885 و هو من أعرق الأحزاب الهندية.
حزب بريهاتاجاناتا فارتي الذي أسسه الدكتور شام فرساد مكرجي عام 1980 ، و ذلك بعد عدة تحالفات و انقسامات في أجنحة اليمين الهندوسي ، و يعتبر من أكبر الأحزاب الهندية.
الحزب الشيوعي الهندي تأسس بعد أحداث الثورة الاشتراكية العظمى في 26/12/1925 و الحزب الشيوعي الماركسي و هو نتاج للانقسام الذي حدث في الحزب الشيوعي بالهند . أدى هذا الانقسام إلى تكوين الحزبين الشيوعي الهندي و الماركسي . و يعتبر هذين الحزبين من أعراق الأحزاب الشيوعية الديمقراطية في العالم.
بجوان سماج فارتي ( بي .أس . في )
أسسه كنيش رام عام 1984م . من أهداف الحزب المطالبة بحقوق الطبقات المهمشة في المجتمع الهندي . السكرتير العام للحزب هي السيدة مياواتي . يتمتع هذه الحزب بشعبية مذهلة في كل من ولايات البنجاب , أتر براديش , هاريانا ماضيا براديش (( BSP . اندمج الحزب لاحقاً مع سمج وادي فارتي ((SP ليكونّا حزباً جديداً يسمى باهوجان سماج أي (BS ) . بدأ هذا الحزب يضطلع بدور رئيس في العملية السياسية في الهند لتمتعه بشعبية كبيرة وسط الطبقات الدنيا من المجتمع . و تلعب التحالفات السياسية مع الأحزاب اليمينية أو اليسارية كلما دعت الضرورة دوراً أساسياً في مسيرة الحزب .
الأحزاب الإقليمية : و هي أحزاب متعددة , مثال حزاب التلقو ديسام في أندرا براديش , أسام قنا برشاد في أسام,جاركان موكتي مورشا في بهار, و (أم دي أم كي) و( دي أم كي) في تاميل , شيف سينا في مهرشترا , و أكالي دال في البنجاب. و غيرها من الأحزاب .
القضاء في الهند
يتألف النظام القضائي في الهند من محكمة عليا مركزية في دلهي و محاكم عليا ولائية و عددها 18 محكمة عليا . ثم محاكم محافظات و محاكم إدارية مختلفة في المجالس الريفية . يتمتع النظام القضائي في الهند باستقلالية تامة . و بذلك لا يجوز التدخل في شؤون القضاء من قبل أي سلطة حكومية مهما علا شأنها . و على سبيل المثال عندما أصدرت المحكمة العليا في دلهي حكمها ببطلان إعلان حالة الطوارئ التي كانت قد أعلنتها آنذاك رئيسة الوزراء الهندية السيدة أنديرا غاندي ، قررت المحكمة العليا إثر الشكوى المقدمة من أحزاب المعارضة تجريدها من الحصانة التي تتمتع به و سجنها في عام 1977. يعتبر هذا القرار بمثابة تحول حقيقي نحو استقلالية القضاء في الهند.
علاقات مجالس التشريعية الولائية بالمجلس التشريعي المركزي ( البرلمان )
حسب الدستور فأن للبرلمان القومي حق سن القوانين علي نطاق الدولة مع مراعاة الخصوصيات الولائية ، و بعد الرجوع إلى لائحة القوانين .
كما يجوز لمجالس للولايات سن قوانينها في إطار ولاياتها وفقاً للوائح القانونية المسموح بها حسب الدستور .
اللغات القومية في الهند
من أهم سمات النظام الفدرالي في الهند الاعتراف بالتنوع الديني و العرقي و الثقافي و الإثني . كما يوجد في الهند أكثر من 50 لغة معترف بها من قبل الدولة ، و لكن 14 فقط من تلك اللغات المعترف بها تعتبر لغات قومية ، أي يمكن استخدامها للحديث في البرلمان القومي و مرافق الدولة الأخرى . و من الأمثلة على تلك اللغات الهندية , الأوردو , الإنجليزية , التاميل , المهراتية , الكونكوني , الملايلم , الكرناتكية , التلقو , البنجابية , الكشميرية , البنغالية , القوجراتي و الأسامية.
تدرس هذه اللغات في المدارس و الجامعات وهي للغات للتخاطب في وسائل الإعلام علي المستويين الولائي والقومي. كما أن لهذه اللغات دوراً حيوياً في مجالات الفنون و الآداب و الشعر و السينما و تثقيف عامة الناس.
النظام الطبقي في الهند
يتكون المجتمع الهندي تاريخياً وحتى يومنا هذا من طبقات اجتماعية متمايزة في صلب المجتمع الهندي، و على الرغم من أن القانون الهندي يمنع هذا النظام الطائفي البغيض ، الإ أن الطبقية ما زالت تمارس بشكل مخل بالقانون في بعض المجتمعات القروية المتخلفة وكذلك في أوساط أهل المدن . تستفيد بعض الفئات من استمرار هذا النظام اللاإنساني الذي تنتهجه أداة من أدوات القهر للمجتمعات الدنيا، و تنقسم الهند الى طائفتين رئيستين :
الطبقة العليا. و يسمونهم (البرهمان) و يمثل هؤلاء 5% من سكان البلاد و يتمتعون بنفوذ ديني و سياسي و اقتصادي في البلاد. و يخرج من هذه الطبقة الحكام و قادة الجيوش و رجال الأعمال و الأطباء و المهندسون و القضاة و رجالات الدولة.
الطبقة الدنيا: من المسحوقين (المهمشين) من أبناء الهند و يشكلون 95 % من سكان البلاد و ينقسم هؤلاء الي ثلاثة فئات .
• (Scheduled Caste) طبقة الدنيا حسب الجدول:-
يسمى هؤلاء Untouchable أي غير المسموح بلمسهم ، و لا يسمح لهم بالاختلاط مع الآخرين من الطبقات العليا. و يسمون أنفسهم (داليت). كانت هذه الفئة تسمى حتى عام 1980 هرجان أى أبناء الله ، و قد منحهم هذه التسمية السيد المهاتما غاندي الأب الروحي للثورة الهندية.
• (Scheduled Tribes) طبقة القبائل:-
هذه المجموعة صنفت بناءاً علي رغبتهم و رفضهم للانتماء لأي مجموعة أخرى , حيث اعتادوا العيش في الغابات والمناطق الجبلية الوعرة . و لا يزالون على تمسكهم بعاداتهم وتقاليدهم الهندوسية القديمة , و أحياناً يسمونهم (أبورجانس الهند) نسبة لأصالتهم و عدم اختلاطهم بالآخرين .
• (Backward Classes) أي المجموعات المتخلفة:-
تضم هذه المجموعة Sudra Varna و أيضاً مجموعات من الهرجانس الذين اعتنقوا الديانات الأخرى غير الهندوسية ، و يمارس بعض هذه القبائل النهب و السلب وسيلة من وسائل المعيشة في مجتمعاتهم.
حسب سياسيات الحكومة المركزية , فأن هذه الفئات الثلاثة تتمتع بما يسمى بالتمييز الإيجابي ، و تعرف هذه المجموعات الثلاث أحياناً باسم المجموعات المتخلفة.
ينتمي 15% من سكان الهند إلى المجموعة الأولى ، و عليه فقد انتهجت الحكومة سياسات مركزية معينة في التعامل معهم ، و ذلك بتخصيص 15% من الوظائف الحكومية و 15% أخر من فرص القبول في الجامعات و المعاهد العليا لصالحهم .
تمثل المجموعة الثانية نسبة 7.5 من تعداد السكان ، و لذا يتمتعون بنفس النسبة في فرص العمل و القبول في الجامعات و العاهد العليا.
و تشكل المجموعة الثالثة 50% من سكان الهند ، و لكنهم يمنحون 27% من الوظائف في الحكومة المركزية و على مستوى الجامعات أيضاً.
لكل من حكومات الولايات سياساتها الخاصة بالتمييز الإيجابي ، و ذلك حسب التوزيع السكاني في الولاية إضافة إلى بعض الاعتبارات و التوازنات الأخرى .
تتمتع المجموعة الثانية بسياسة ملكية الأراضي في الهند باعتبارهم من سكان البلاد الأصليين. و يمنحهم الدستور هذا الحق دون سواهم .
من سيئات هذه السياسات استغلال هذا الوضع المتميز وفقاً للمتغيرات السياسية و الاجتماعية و القانونية. و عليه يمارس بعض أبناء تلك المجموعات أدواراً سلبية ، مما يضطر السلطات المختصة إلى اتخاذ قرارات قانونية قد تؤدي إلى حرمان هؤلاء الأشخاص المنتفعين من الامتيازات.
على الرغم من اهتمام الدولة بهذه السياسات الإيجابية ، فإن الهوة الاجتماعية ما زالت شاسعة و تزداد توسعاً بين الطبقات . تتميز الطبقة العليا بأوضاع اجتماعية متميزة ، كما يظهر ذلك أيضاً بصورة جلية لدى المنتمين إلى الطبقات الدنيا شعوراً بالقهر الاجتماعي و اضطراراً إلى ممارسة بعض المهن و الحرف المتواضعة التي لا يرضى غيرهم امتهانها .
دور الدين في الحكم
يوجد في الهند العديد من الديانات . يشكل الهندوس 85 % من سكان الهند ، بينما يمثل المسلمون 12 % من السكان و تتوزع البقية و نسبتها 3% بين طوائف دينية متعددة مثل السيخ و المسيحيون و البوذيون و المجوس .. إلخ . اتخذت الهند نهجاً ديمقراطياً علمانياً في الحكم، فعلى الرغم من وجود هذه الكم الهائل من الهندوس ، إلا أن دستور الهند علماني يمنح كل قوميات البلاد حقوقاً متساوية دون تمييز بسبب الدين أو العرق أو الجنس . لذا نجحت الهند منذ البداية و نتيجة حكمة الرعيل الأوائل من الحكام الوطنيين و تمكنت من وضع فلسفة عمل سياسية في الاتجاه الصحيح إلى يومنا هذا.
السؤال المطروح الآن هل من الممكن الاستفادة من التجربة الهندية في معالجة قضايا الأقليات القومية و الدينية و الثقافية و الاجتماعية والسياسية في السودان دون اللجوء إلى استخدام سياسات إقصاء الآخر و عدم الاعتراف بالتنوع في المكونات الدينية و الثقافية و السياسية .. إلخ
إذا كانت الإجابة بنعم فما السبب في عدم الاستفادة من تلك التجربة الفريدة مع مراعاة الخصوصيات الجيوبوليتيكية في السودان .
مدينق ودا منيل
[email protected]
[email protected]