ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
من أجل ثقافة ترفض «الانقلابات»‚‚ على حركات التحرر السودانية بقلم أبو بكر القاضي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 4/16/2005 11:10 م
أبو بكر القاضي ــــ من أجل ثقافة ترفض «الانقلابات»‚‚ على حركات التحرر السودانية على مستوى قارة افريقيا وخلال عقد كامل من الزمان استطاع الاتحاد الافريقي (الذي خلف منظمة الوحدة الافريقية) ان يكرس مفهوم ثقافي ــ سياسي يرفض الانقلابات العسكرية وقد ترسخ هذا المفهوم في دول الكمون ويلز‚ وقد ذهب الاتحاد الافريقي خطوة ابعد من ذلك حين رفض فكرة توريث الحكم في الجمهوريات الافريقية واتخذ خطوات صارمة بدءا بعدم الاعتراف‚ ثم المقاطعة الاقتصادية‚‚ الخ كل ذلك من اجل ضمان الالتزام بأحكام الدستور الذي ينص في البلد المعني على انه في حال وفاة رئيس الجمهورية تؤول السلطة مؤقتا لرئيس البرلمان وليس لابن رئيس الجمهورية‚ ثقافة رفض الانقلابات العسكرية على الحكومات الشرعية المنتخبة ديمقراطيا هي مسألة لا تحتاج الى تبرير لانها اصبحت من البديهيات التي ننطلق منها للقياس‚ على حالات اخرى مماثلة كالانشقاق على الحزب وهو انقلاب مدني‚ وكالانقلاب على القيادات الشرعية داخل الحركات التحررية العسكرية‚ ولكنا نذكر فقط بالنتائج الوقحة للانظمة الانقلابية الاستبدادية‚ ونذكر في هذا الخصوص بأن نظام مايو/ النميري الاستبدادي هو الذي افرز (تجديد) مشكلة الجنوب عام 1983‚ وان انقلاب 30 يونيو 1989 وما ترتب عليه من جهاد الجنوب وعرس الشهيد وعقد القران على الحور العين قد عمّق مشكلة الجنوب كما وان انقلاب علي عثمان /عمر البشير عام 1999 على د‚الترابي شيخ الانقاذ نتج عنه المزيد من تمزق السودان على صعيد الجنوب اولا‚ ثم فتح جبهة جديدة في دارفور‚ ولأن الحكومة استبدادية فقد عالجت قضية دارفور من منظور امني سطحي وقد نتج عن ذلك الابادة الجماعية والتطهير العرقي والاغتصاب وحرق القرى‚ لهذه الاسباب حدث اجماع برفض الانقلابات العسكرية رفضا باتا‚ وهذا يقودنا الى لب مقالنا الذي نصيغه في شكل سؤال ثم نقوم بالاجابة عنه: لماذا لا نرفض الانقلابات داخل الحركات التحررية‚ وضد قياداتها ومؤسساتها المنتخبة؟ ونجيب عن هذا السؤال بالآتي: أولا: هذا السؤال لم يأت من فراغ وانما ارتبط بحرب البيانات منذ ان اصدر المهندس محمد صالح حامد حربه بيانه الثوري يوم الخميس 7/4/2005 وادعى فيه ان (القيادة الثورية الميدانية لحركة العدل والمساواة تقرر عزل الدكتور خليل ابراهيم عن رئاسة الحركة وتقديمه للمحاكمة وتكليفه بمهام واعباء الرئاسة والعمل على عقد مؤتمر عام استثنائي للحركة)‚ وقد وردت ردود حاسمة وشافية على التوالي من مكتب الحركة بالخليج‚ ثم مكتب رئيس مجلس شورى حركة العدل والمساواة‚ ثم مكتبي الحركة في كل من باريس ولندن‚ وخلاصة هذه الردود هي تكذيب هذا الخبر والتأكيد على ان المهندس محمد صالح لا صلة له بالحركة منذ 16/2/2005‚ وهو التاريخ الذي تم فيه فصله من الحركة‚ كما تؤكد ان ليست له صلة بالحركة في الميدان بأي شكل من الاشكال‚ وكشفت البيانات ملابسات خروجه من صفوف الحركة حيث فشل في تحقيق تطلعاته وطموحاته الشخصية من خلال المؤتمر العام للحركة الذي انعقد مع بداية عام 2005 بالجماهيرية العظمى‚ فاختار الذهاب الى معسكر الحكومة‚ ثم تبع المهندس محمد صالح بيانه الاول ببيان آخر اعلن فيه تشكيل المجلس الثوري‚ ثانيا: حركة العدل والمساواة السودانية هي حركة منظمة ومنضبطة‚ وعملها يتسم بالنضج الواضح‚ وهذا شيء يلمسه كل من تعامل معها‚ بهرت الاتحاد الافريقي والمراقبين للمفاوضات في انجمينا وأبوجا وأسمرا‚ وهي حركة قائمة على المؤسسية والشرعية الدستورية في داخلها‚ لذلك فان اي انقلاب يقع في مثل هذه الحركة هو انقلاب على الشرعية الدستورية والمؤسساتية داخل الحركة‚ ان مثل هذا الانقلاب يجب ان يقابل بالادانة والشجب والرفض من الاحزاب بغض النظر عن رأينا الشخصي في قيادات الحركة او في افكار الحركة‚ لأن القضية هي قضية مبدأ‚ ان هذه السحابة سوف تمر‚ وسوف تبقى الحقيقة كما هي‚ فالسيد محمد صالح قد خرج من المؤتمر العام للحركة وذهب الى تشاد بمفرده‚ وبدأ من هناك يفصح عن مواقفه الانشقاقية عن الحركة‚ وقد تم فصله من الحركة وهو خارج (الميدان)‚ فالانقلاب في الحركة الثورية مثل حركة العدل والمساواة هو مثل الانقلاب في الدولة (مع الفارق)‚ ووجه الشبه هو ان الانقلاب يتطلب ان يكون قائده متواجدا بالميدان‚ او على الاقل ان يكون هناك قائد كبير موالٍ له‚ في انقلاب يوليو 1971 كان قائده الشهيد بابكر النور خارج البلاد‚ وتولى الشهيد هاشم العطا ادارة وترتيبات وتنفيذ الانقلاب‚ وقد سجل التاريخ ان من بين الاسباب العديدة لفشل الانقلاب هو وجود قائد الانقلاب خارج البلاد‚ وشاهدنا هو ان السيد محمد صالح قد غادر الميدان منذ شهر ديسمبر 2004 متوجها للمؤتمر العام بليبيا‚ وقد كان يتطلع الى ان يجد موقعا مرموقا في الحركة (حسب تطلعاته الشخصية ان يرشح رئيسا وقائدا للحركة)‚ فجاءت رياح المؤتمر العام بما لم تشته نفسه‚ اما الفرق بين الانقلاب في الحركة الثورية مقارنة مع الانقلاب في الدولة خاصة اذا وضعنا في الاعتبار تجارب الانقلابات في عقد الستينيات من القرن الماضي‚ فان اي كتيبة مدرعات من (300 شخص) يمكنها تنفيذ انقلاب‚ وتسيير دفة امور الدولة بقوة دفعها العادي‚ ومن خلال امكانات الدولة ومواردها المالية ومن خلال السيطرة على الاذاعة والتليفزيون والاعلام عموما يستطيع قائد الانقلاب ان يذيع بيانات التأييد التي يصنعها اعلام الانقلاب بنفسه‚ اما في المقابل فان الحركة الثورية هي عبارة عن مجتمع (مدني) شبه عسكري‚ لا يستطيع القائد ان يفرض نفسه على القادة الميدانيين الآخرين الا بالاتفاق المسبق معهم وبارادتهم جميعا‚ ان القادة يعلمون سلفا ان مثل هذا القائد لن يستطيع ان يوفر لهم الامداد والغذاء والدواء الا من مطبخ السلطان العدو الذي قتل اهلهم وحرق القرى ومارس الابادة الجماعية والتطهير العرقي‚ بل ان الشعب السوداني قد سئم الانقلابات والمجتمع الدولي لا يمكن ان يقبل بالانقلاب على الشرعية‚ بل ان المأخذ الاساسي للشعب السوداني ضد اليسار السوداني‚ والحركة الاسلامية السودانية على التوالي هو تدبيرها لانقلابي مايو 1969 ويونيو 1989‚ فلا يعقل ان يتقبل الشارع السوداني او المجتمع الدولي المهندس محمد صالح (الانقلابي) لمجرد أنه غمز في بيانه الاول ضد د‚خليل بأن نسبه للترابي او للمؤتمر الشعبي مرددا في ذلك ما يروجه اعلام الحكومة المجرمة ضد حركة العدل والمساواة‚ اخلص من كل ما تقدم الى نداء للاحزاب والحركات ومؤسسات المجتمع المدني والى كتاب الرأي والاعمدة والى المثقفين بتعميق ثقافة ترفض الانقلابات العسكرية على المؤسسات الشرعية بالحركات الثورية التي تناضل من اجل قضايا الجماهير (المهمشة)‚ بل وترفض الانقلابات المدنية على المؤسسات الشرعية بالاحزاب‚ نعم‚‚ وألف نعم‚‚ لدعوات التجديد والاصلاح‚‚ ولكن في اطار الشرعية الدستورية للاحزاب وذلك بخلق تيارات قوية داخل الاحزاب بالعمل المكشوف‚ والنقد الذاتي العلني الذي هدفه الاصلاح‚‚ والتجديد‚ وليس لتحقيق زعامة شخصية بأساليب ملتوية وغير اخلاقية‚ ثالثا: اننا‚ وبذات الحماس والمعيار الاخلاقي الذي نطالب به الكافة برفض الانقلابات العسكرية وشبه العسكرية بالحركات الثورية وبالانقلابات المدنية على الشرعية الحزبية ندعو الى التسامح مع المنشقين والانقلابيين‚ واعني بالتسامح هنا تحديدا مراعاة ادب الاختلاف‚ والتأكيد على ان معادن الناس وقيمهم تبين عند الاختلاف‚ لقد تركت لنا النخبة النيلية التي احتكرت السلطة في السودان خلال فترة الخمسين سنة الماضية تراثا بغيضا من ادب الاختلاف‚ بعيدا عن قيم التسامح‚ فالشخص المنشق يوصف بعبارات قاتلة ومبيدة ابادة شاملة لشخصية المنشق على الطريقة الماسونية‚ فيوصف بالمرتد‚ والمرتزقة والخائن‚ والانتهازي‚ بل (ابن حرام) لتجريده من شرعية العائلة‚ وفي هذا الخصوص انوه الى النقاط التالية: 1- اننا نطالب الحركة الشعبية لتحرير السودان بأن تطرح تجربتها للحركات الثورية‚ ونذكر في هذا الخصوص ان حركة قرنق هي اكبر حركة تعرضت لمؤامرات ومكايدات النخبة النيلية بهدف اختراقها من الخارج‚ كما تعرضت الحركة الى نزاعات داخلية بسبب اختلاف الرؤى حول قومية الحركة (لتحرير السودان) ام اقليمية الحركة (لتحرير الجنوب)‚ وقد دفعت في هذه الاختلافات ثمنا باهظا‚ وما زالت تتعرض لهذه المخاطر‚ بل ان الانشقاق بالحركة هو اكبر مهددات السلام والوحدة‚ لذلك فقد خلق جسم الحركة الشعبية مناعة طبيعية كبيرة ضد التمرد الداخلي والانشقاق‚ فتراث الحركة الشعبية هو ملك للشعب السوداني ولافريقيا كلها مثلما ان تراث نضال جنوب افريقيا بقيادة مانديلا هو ملك لافريقيا كلها‚ 2- اتفق مع الاستاذ ابراهيم عبدالله بقال فيما ورد بصدر مقاله المنشور بموقع «سودانيز اون لاين» بعنوان (سيظل د‚خليل ابراهيم رئيسا للحركة) من ان حكومة الخرطوم قد افلحت في تقسيم جميع الاحزاب بل واعادة تقسيم المجزأ من الاحزاب المنشقة بدءا بالحزب الاتحادي الديمقراطي‚ وحزب الامة‚ واعادة تقسيم جناح مبارك الفاضل‚ وانصار السنة والاخوان المسلمين‚ ولم تسلم حكومة الانقاذ نفسها من الانقسام‚ صحيح ان سياسة فرق تسد التي مارستها حكومة الخرطوم قد اعطتها (هي) عُمر‚ ولكن نتيجتها هي تقسيم السودان‚ وشاهدنا في هذا الخصوص هو اننا كأحزاب يمكن ان نختلف‚ وكحركات ثورية يمكن ايضا ان نختلف في الرؤى‚ ولكن يجب الا نختلف على مبدأ التسامح واعني به قبول الآخر كما هو مهما اختلفنا معه‚ ويجب الا نفرح لاي انشقاق او تمرد وان كان حقيقيا ناهيك عن انقلاب المهندس محمد صالح المزعوم الذي جاء بعد اقل من ثلاثة شهور من المؤتمر العام لحركة العدل والمساواة الذي صعّد القيادات وصنع المؤسسات الدستورية للحزب‚ فحركة العدل والمساواة هي مؤسسة سودانية ملك للشعب السوداني حفرت لشجرتها جذورا عميقة في تراب هذا الوطن‚ سقتها من دماء شهدائها وعرق رجالاتها ونضال كوادرها المنتشرين حول العالم الذين أوصلوا رسالتها للعالم ولمجلس الامن‚ وارسل رسالة تسامح للمهندس محمد صالح بصفتي الرسمية كرئيس للمؤتمر العام لحركة العدل والمساواة السودانية بالعودة الى مؤسسته والخضوع لشرعيتها الدستورية وله اسوة حسنة في رياك مشار ولام اكول‚‚ والايام بيننا‚
للمزيد من االمقالات