مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

أعمـــدة النميمـــــة بقلم صلاح شكوكو

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/15/2005 4:01 م

أعمـــدة النميمـــــة

( صلاح شكوكو )

تعودت منذ أن بدأت الكتابة منتظما أن أبدأ في تنزيل الفكرة التي يتمحور حولها عمودي الصحفي الإسبوعي منذ يوم الثلاثاء مستصحبا معي الفكرة حتى يوم الجمعة مع نوع من التراخي الذي يتيح لي فرصة إضافة بعض المحطات الحية كنوع من المواكبة .. رابطا بين قضية عامة تشكل لب الموضوع مع الموضوع الرئيسي والذي أحرص أن يدور حــــول قضية عامة أو مفهوم يحتـــاج الى ( فلترة ) خاصة في بلد تكبله المفاهيم الباليـــة والأفكار العيقة والعقول المتحجرة .

واليوم هو يوم الثلاثاء وها أنذا أجد نفسي مجردا من أي فكرة يمكن أن تكون خميرة لعنواني القادم .. بل وجدت نفسي دونما موضوع محدد يستحق الكتابة ليس لخلو الساحة من القضايا ولكن ربما لعدم تجاوب النفس وتعاطيها مع القضايا الآنية .. أو ربما أكون أنا لست مهيئا لكتابة عمودي .. وهنا خطرت لي فكرة .. أو ربما تكون خاطرة لم تصل بعد لأن تكون فكرة .. وهي لماذا لا أترك مساحة عمودي بيضاء .. كنوع من التعبير المتمرد ضد الروتين .. أو كنوع من الرفض الإحتجاجي .. أو ذاك النوع من التعبير السيريالي الذي يشار اليه بعبارة (( بدون تعليق )) .

هذا التداعي الفكري قادني الى قضية هامة وهي مدى المعاناة المهنية التي التي يتكبدها أولئك الصحفيون الذين تحتم عليهم الظروف ضرورة كتابة أعمدتهم يوميا .. وفي أي موضوع يكون .. دون أن تكون أمامهم فرصة الهروب عن ذلك أو الإعتذار إلا عند الضرورة القصوى .. مما يتحتم عليهم ضرورة البحث عن أي موضوع حتى لو كان ( هايفا ) أو إنصرافيا لملء المساحة المخصصة لهم .

وإمعانا في التفكير إنتهيت الى حقيقة واقعية هامة وهي أن بعض الصحفيين قد تحولت أعمدتهم الى نوع من (( أعمدة النميمة )) تلك التي تتناول سفاسف الإمور وتوافه الأشياء وهذا ما يطلق علية أهل شمال الوادي ( أي حاجة في أي حته ) وبذلك يضطر هؤلاء الى تناول بعض القضايا الإنصرافية .. التي سرعان ما تتحول الى قضايا وهمية تقود حتما الى نوع من ( التسالي ) وأحيانا نوع من التراشق الذي يعتمد على إثارة بعض القضايا التي يتم تشكيلها بقوالب معينة لتبدو وكأنها موضيع حية تستحق التخندق وتستلزم التمترس .. مستفيدين من حالة الإستقطاب الحاد وحمية المناصرة و التحزب الرياضي .. الذي زكته هي ذاتها ومازالت تقتات عليه .

( خلي روحك رياضية ) .. عبارة خالدة مثالية .. تشير بجلاء الى أسمى المعاني الرياضية بل تدلل بجلاء للقيم الرياضية وأهدافها الإنسانية السامية .. إذ مثلما للبدن رياضة جسدتها عبارة ( العقل السليم في الجسم السليم ) فإن للروح رياضة قوامها المحبة والسمو الوحداني الذي يجعل الحياة سعيدة من خلال توطين النفس على تقبل تقلبات الحياة ومغالباتها والتعاطى معها بنوع من المسامحة الكريمة .

إذن ما الذي يجعل بعض الأقلام تمارس هذا الجنوح ؟؟؟ في إعتقادي أن مرد ذلك أن هذه الأقلام ليست رياضية في الأصل .. إذ لم تعايش الرياضة ولم تلامس معانيها في عـــــالم الحقيقـــة .. لأن ( فاقد الشيء لا يعطيه ) الى جانب أن دخولها الى المعترك الرياضي تم من خــلال الأبواب الخلفية .. الذي نسميه مجـــازا ( باب النسوان ) .

وكلمة النسوان ربما تبدو وكأنها دخيلة .. لكنها في حقيقة الأمر هي أكثر ملامسة للواقع المر من غيرها .. ذلك أن النسوة عرفن في الحياة بأنهن قد أعتدن على تداول النميمة حيثما تجمعن .. وهو ذات الشيء الذي تمارسة هذه الأقلام وللأسف الشديد .. حتى وصل الأمر الى تحوير الكلمة للتتحول مجازا الى كلمة ( شمار ) وهي تعني في المجاز البهار الحار الذي يشدك اليه شدا من شدة رائحته ..

قادتني الأيام أثناء إحدى إجازاتي في السودان الى دار إحدى الصحف الرياضية .. وهناك قابلت زميلا سابقا قادته الظروف لأن يكون مسؤولا بإحدى هذه الصحف الرياضية .. وبعد أن قام الرجل معي بواجب الضيافة وفاصل المجاملة يلقي اليّ بكلمة ويحرك نفسه بين أوراقة تارة أخرى حتى تنبه للهاتف بجواره .. و إذا به يرفع سماعة هاتفه المتحرك ودونما مقدمات وجدته يحدث للطرف الآخر قائلا :- ( والله الليلة عندي ليك شمار حار بشكل ...... ) ثم أمطر صاحبي الطرف الآخر براجمات وقاذفات لا أول لها ولا آخر .. وهو يرمقني بين الفنية والأخرى وكأنه يستشهد بي .. أو كأنه يرائي من لا يراني بانه يراني .. والمهم أنه سكب كل ( علبة الدقة ) .

وقتها أخذت أفكر في نظرة الطرف الآخر لصاحبي هذا .. وخفت أن يتهمه بالخواء الموضوعي ... لكني سرعان ما إستدركت أن ذلك الطرف لن يكون إلا كصاحبي هذا .. وترائت لي صور شتى لحكم مختبئة في أرفف الذاكرة البعيدة جاءت تتداعى أمامي رويدا رويدا وهي تقول :- كل إناء بما فيه ينضح .. و لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك .. والعربة الفارغة أكثر جلبة ..

والتأمل لمانشيتات هذه الصحف يكتشف بجلاء أن هناك كم هائل من العبارات الجوفاء التي ليست من الحقيقة في شيء وقد إعتاد كتابها وضعها حتى أصبحت السقف الأعلى للحديث وحينما تقارن تلك العبارات مع الواقع الرياضي المر سرعان ما تكتشف أننا في القاع ولكن الصحافة تصور لنا الأمر وكأننا في القمة .. مما يني أن الصحافة قد تحولت الى سخافة ونوع من الإسفاف .

لاعبون يوصفون بعبارات تفوق حجمهم الحقيقي .. أندية توصف وكأنها أعرق من مثيلاتها في الدوري الهولندي و الإيطالي والإسباني والإنجليزي .. بينما ماتزال الأندية كسيحة تستجدى طوب الأرض ... أما المباريات التي تستهلك وقتا من الناس وهي تخلو من اللمحات الجمالية فهي جعجعة بلا طحين ... ودائما ما يكون التحكيم فاشلا .. لأنه شماعة لا وجيع لها .

ومعارك التسجيلات وما أدراك ما فيها .. مع الطوفان الإعلامي الذي جعل تسجيل اللاعبين خرافة من الخرافات وآفة من الآفات في غياب اللاعب الحقيقي الذي يمكن أن يكون موهبة حقيقية .. فإذا ما بحثت عن السبب تجده في حقيقة الأمر مزايدات إعلامية روجت لها بعض الأقلام وحبكت لها الأفلام ليصدق الجميع تلك الرواية فتصبح الحصيلة في آخر المطاف أحلام كاذبة .

إن تلك الأقـــلام التي يتحفــــنا الإعـــلام بها والتي أصبحت جزءا من كياننا الرياضي هي في حقيقة الأمر إضافة سلبية مقدرة في سبيل تطورنا الرياضي ذلك أنها تحدث جلبة واهية وبلبلة تهرجية تخلخل بها المفاهيم وتجعل المتلقين أيضا يعانون من هذا الخواء الفكري فتنشأ حالة من عدم الإدراك والإستدركك .. وتتحول القيم الفاضلة النبيلة متداعية الى قاع الذاكرة الرياضية وتحل مكانها هلاويس وأفكار ضبابية تحتل مقدمة الذاكرة لتصبح البلبلة فكرا يتداوله الناس دون إدراك منهم .

وهذه الأقــــلام في حقيقة الأمر لا تعلـــم أن هــذه الكلمات اللا مسؤولة لها ما لها من الخطورة فهذه المنابر منارات للعلم وليست بوابات للتجهيل .. ذلك أن رسالة الإعلام لا تقـــل بأي حال من الأحوال عن الدور التربوي المؤسسي الخاص بالتنشئة الإجتماعية ( كالمدرسة ) بل ربما يكون دوره أكثر خطورة من ذلك بإعتباره يلامس حياة الناس ويدخل الدور دونما رقيب أو حسيب ولإقتران هذا النشاط بنشاط محبب من كل الفئات العمرية .. وصدق من قال ( فاقد الشيء لا يعطيه ) .

والإعلام الناحج هو ماكان دوره واقعيا وحياديا يهدف في الدرجة الأولى الى تشخيص الظواهر والأشياء بسبر غورها وتحليل عناصرها ووضع الرؤى التحليلية لها بمنظور محايد ليس فيه محاباة أو ميل أو تحيّز .. ولا غضاضة في أن يضع الحلول والمعالجات بإعتبارها وجهة نظر تقبل الصواب والخطأ .. لكن الأفضل أن يترك للآخرين فرصة المشاركة والإحساس بهذه القضايا والتفاعل معها من خلال إستنفار الطاقات والقدرات وإغراء الحواس وإستثارة الشجون لأن ( نصف رأيك عند أخيك ) .
ولا بد أن يسعى الإعلام الى ذلك من خلال الإستعانة بأدوات مناسبة والفاظ دقيقة مناسبة وعناوين متزنة يراعى فيها الموضوعية والصدق مع النفس أولا ثم القاريء ثانيا .. فلا تكون براقة تبهر القراء وتخدعهم ولا هي ميتة لا روح فيها .

والإعلام البراق كما نعلم يشكك المتلقي .. ويسهم في تزييف الواقع وتزييف الوعي الجماهيري مما يساهم في تشكيل مجتمع منتشي دونما دواعي حقيقية .. وهكذا يسهم الصحفي في أعادة إنتاج حالة التزييف ثم يصدقها حينما تأتيه من الجماهير فيتلقاها ويعيد إنتاجها وهكذا دواليك .. حتى تأتي لحظة الإختبار الحقيقي عند المشاركات الدولية فتحدث المفاجأة التي يفيق منها الجميع .. لكنهم للأسف لن يستطيعوا معرفة السبب لأنهم يعيشون حالة من الضبابية التي لا تتيح لهم الرؤية السليمة وهكذا يدور المجتمع حول نفسه .

والحركة الرياضية في مجملها رافد هام من روافد الحركة الثقافية في كل مجتمع .. بل أن الرياضة بقيمها القوية والمثالية تسهم في أحايين كثيرة الى زيادة الحس الوطني والإنتماء للجماعة .. بل تسهم كثيرا في إذابة الجليد المتراكم في شكل عصبيات وحزبيات رياضية .. لكن الواقع المر يشهد عكس ذلك تماما بسبب هذه الكتابات الجوفاء التي تزكى نعرة العصبية والمناصرة العمياء .

رغم هذا الدور المتعاظم للرياضة إلا أن الإعلام الرياضي ما زال يعاني من بعض العيوب الكبيرة التي تجعله سلبيا .. بسبب التزييف الذي يمارسه من جانب ومن جانب آخر محاولاته لتلميع بعض الواجهات بصنوف المجاملة والتملق وإسترضاء الآخرين .. إسترضاء للأندية أحيانا وإسترضاء للأقطاب واللاعبين دون سواهم .

أما الإنتماءات الضيقة والإنحياز لأندية معينة فقد تأخذ حظا وافرا من بعض الإعلاميين الذين لا يستطيعون الفكاك من براثن قيدها فتتلون حروفهم وتصبح أداة تعبر عن ناد معين أو لون معين .. وإن كنا لا نتصور صحفيا بلا إنتماء لكن ذلك ينبغى أن لا يطغى على لون المداد .

والحقيقة المرة أن هؤلاء الصحفيون قد خلقوا دون وعي منهم حالة من الوهم الخرافي في مخيلة المتلقين بل تشتتا في القناعات والولاءات خاصة عند مقارة هذه الكتابات مع واقع الحال في ظل النتائج المخيبة للآمال في وقت كان ينبغي فيه فيه لهذا الإعلامي أن يكون أداة إنتقاء وتعليم وتوجيه لا أن يكون بوقا ينعق مع الناعقين .

-------------------

ملء السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ

--------------------

• صحيفة (( المشاهير )) إكتست حلة زاهية من الألوان وهي تلبس ثوبها الجديد .. تجدد مع الأيام ملبية لثوابتها لأن تكون صحيفة تحترم الكلمة بنهج قوامه الواقعية والمصداقية .

• دورة التضامن الإسلامي بالسعودية .. كشفت مدى الفوضى التي ندير بها الرياضة في السودان .. بل نجامل بإسم السودان لمجرد المشاركة . ولولا العاب القوى التي احرزت ثلاثة ميداليات تبادل .. ( البطل نجم الدين بابكر ذهبية والمركز الاول فى مسابقة ال 400 متر وايضا البطل ادريس يوسف فضية فى سباق ال 3000 متر والبرونزية احرزها البطل اسماعيل احمد فى سباق ال 800 متر وبرونزية ناصر بلال ) لكان المولد بلا حمص .

• القسم الرياضي بالإذاعة السودانية .. يسعى دائما لتقديم صورة مشرقة للأداء .. التحية للأخ الأستاذ / عبدالرحمن عبد الرسول وأركان حربه .. الرشيد بدوي عبيد .. صلاح أحمد علي .. يوسف محمد يوسف .. سيف الدين .. وبقية العقد الفريد .


صـــلاح محمـــد عبــــد الدائم
( شكوكو )
[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved