إن سيادة السودان لم ولن تكن مرتبطة بمحاكمة 51 من مجرمي الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان في المحكمة الجنائية الدولية التي وقع النظام على نظامها الأساسي ووافق على إنشائها ، ومهما قيل ويقال فهذه المحكمة هي السبيل الوحيد لردع الذين ارتكبوا فظائعاً في السودان ، فهنالك من يدفع بحق القضاء الوطني في محاكمة كل متهم أتى بجريرة داخل حدود الوطن ، يقولون ذلك وهم على علم تام بما لحق بالجهاز القضائي في سنوات الجبهة العجاف ، القانون الوطني عاجز عن إستيعاب هذه النوعية من الجرائم والجهاز القضائي فضلاً عن عدم إستقلاليته عاجز تماماً عن تطبيق قيم العدالة لأن عناصره نهلت من ذات المعين الذي أرضع عناصر النظام أساليب البطش والظلم .
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
والذين يتحدثون عن السيادة الوطنية عميت أبصارهم عن فظائع النظام في دار فور وفي شرق السودان وظلت أعينهم كليلة عن جرائم أجهزته الهوجاء وعن سياساته الرعناء .
ما الذي فعله هؤلاء المرتزقون عندما كان النظام يتدخل في شئون الجيران ، ألم تكن لأوطانهم سيادة؟؟
لا تنهي عن خلق وتأتي بمثله
ستظل السيادة الوطنية منتهكة لمجرد وجود هذا النظام المتسلط ، الذي جعل كل أرجاء الوطن بؤراً ملتهبة ، و يصر الآن على البقاء متحدياً لقرارات الشرعية الدولية في بادرة غريبة تؤكد غباء القائمين على أمره وعدم إلمامهم بما يدور في الساحة الدولية ، يجب أن ينظر هؤلاء لمصير الديكتاتور صدام حسين ومصير زميلهم الطالباني المُلا عمر ، ثم أنه وبنظرة خاطفة لمصير العقيد القزافي الذي أدخل شعبه في مغامرة تراجع عنها بعد عشرة سنوات تجرع الشعب الليبي خلالها مرارة الحصار ،و لعل الغريب حقاً وقوف العقيد إلى جانب النظام في ردة فعله الهوجاء وهو من أخذ درساً قاسياً في الخروج على قرارات الشرعية الدولية ، بنظرة لهذه النماذج يصل النظام وأرجوزاته لقناعة حتمية فحواها أن القرار 1593 سوف ينفز عليهم أو على الشعب السوداني ، بطريقة أخرى ، إن هم أصروا على عبثهم وتهريجهم وواصلوا في سياساتهم الإرهابية التي جعلت من السودان محمية دولية .
الأمر المحقق أن غالبية الشعب السوداني تؤيد هذا القرار بشدة ، والأمر المحتوم أن هذه الجماهير لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذه المهزلة التي سوف تدفع ثمنها غالياً ، إذا ما تواصلت فصولها المحزنة ، سوف تدفع ثمنها تماماً كما يدفع الشعب العراقي ثمن رعونة صدام وأعوانه وكما دفع أهل أفغانستان استحقاقات غض الطرف عن النظام الطالباني وسياساته الإرهابية .
هذه الأبواق وإن لم تستطع التحدث بما فيه مصلحة أهل السودان فعليها السكوت ، لأن هذا النظام إن قُدر له الإستمرار ( لاقدر الله) وهذا ما يستبعده كل عاقل – إن قدر له الإستمرار سوف يسعى لإشعال النيران في طرف آخر من أطراف السودان المترامية – كما فعل تماماً في بور تسودان عقب التوقيع على اتفاقية يناير .
يا أهل السودان استعدوا لتحرير أرضكم من غاصب كرس ثرواتكم لقهركم وترويعكم وهو الآن يسعى لحصاركم كيما يفك عن نفسه .حصاراً مستحكماً لا مناص منه .
لقد خرجت الأزمة من أيدي قوى السودان الوطنية بفعل سياسات هذا النظام و استكباره ، لقد ظن النظام أنه بإمكانه فعل كل شيء دون أن يكون له رقيب أو حسيب ، ونسي أن النظام الدولي لم يعد على ما كان عليه في العهد الجاهلي ، رئيس النظام ، وليس رأسه ، يصر على أن مسألة دار فور شأن داخلي متهماً جهات وصفها بالعمالة بتدويلها ولعله لا يعلم أن سياسات نظامه هي التي غربت الأزمة من رهيد البردي الى نيورك ثم لاهاي ، ولا يمكننا القول و(بالعكس) .