مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ما بين الثقافة الإسلامية والمفاهيم العلمانية بقلم adil elbakri

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/12/2005 8:00 ص

في نهـايات القرن الثامن عشـر تم توزيع القارة السمراء إلى مستعمرات أوربية (
الفرنسية والانجليزية والإيطالية والبرتقالية ) وكان ذلك نتاج لصراع أيدولوجي
كبير بين الثقافة الاسلامية والمسيحية من أجل نشر المفاهيم العلمانية في
المنطقة محل الصراع وتشمل شمال وغرب وشرق أفريقيا من قبل أعداء الإسلام بشتى
تشكيلاتهم ومسمياتهم حتى لا يتمدد الإسلام في القارة السمراء خاصة بعد ظهور
ثورات وممالك إسلامية شكلت خطراً على المصالح الأوربية في أفريقيا مثل الثورة
المهدية في السودان والدولة الفودية في السودان الغربي والحركة السنوسية في
ليبيا ، فكان لا بد للدولة المسيحية أن تتحرك من أجل إطفاء نار القرآن في تلك
المناطق حتى لو اضطرت إلى قطع الأكسجين المساعد على الاشتعال ، يقول تعالى : (
يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ) صدق الله
العظيم ، فكان لا بد لهم أن يسمموا أفكار المسلمين في تلك البؤر بالمفاهيم
العلمانية وتشكيكهم في الثقافة الإسلامية ودورها في الحياة . لذلك عندما دخل
المستعمر تلك البقاع قام بتجنيد الضعاف من أبنائها حتى يتسنى لهم العمل
الاستخباري والعسكري ليفتكوا بالقادة والمؤثرين ( الإسلاميين الحركيين )
والأمثلة كثيرة منها ( تفتيت أحفاد الشيخ عثمان دان فوديو وبقايا دولتهم ،
والمجاهد عمر المختار وبقايا الحركة السنوسية ، والمجاهد الخليفة عبد الله
التعايشي وما تبقى من رموز المهدية ) . فالصراع قديم قدم التاريخ وهدفه ليس
الحريات كما يظن الواهمون إنما أهدافه سياسية اقتصادية متمثلة في التبشير
المسيحي واستغلال موارد القارة المادية والبشرية ... فالتبشير له بعدين : الأول
تنصير الذين لم يدخلوا في الاسلام وتنشيط المسيحيين منهم وعزلهم عن المسلمين ،
أما الثاني فهو تحييد المسلمين وعزلهم عن الثقافة الإسلامية الحقيقية وتفريغهم
منها ، وعلى سبيل المثال ما حصل بالسودان في أواخر القرن الثامن عشر بعزل كل
المناطق ذات الكثافة المسيحية واللادينية عن الشمال المسلم وخلق الصراعات بين
المسلمين في الشمال بواسطة التقسيمات الحزبية داخل المجتمع الواحد والأيدولوجيا
الواحدة ، فتم تقسيم الشمال المسلم إلى حزبين كبيرين وألبسوهما ثوب التناقض حتى
لا تتحقق الفائدة عبر الديمقراطية الحزبية المفروضة لتظهر أحزاب حديثة تستفيد
من تلك التناقضات لينقسم المثقفين من أبناء الشمال يميناً ويساراً تعميقاً
للخلافات وتشكيكاً للسودانيين في الحقيقة والوهم بفعل المفاهيم العلمانية
والابتعاد عن الثقافة الإسلامية ( الإسلام الحركي ) الذي يعطي كل مسلم حق تبني
هموم الرسالة المحمدية ليس في السودان وحسب بل كل العالم الإسلامي ، لأن
الإسلام جاء في الأصل حركياً كما يفهم أعدائه ليس كما يفهمه السيدين ( الميرغني
والصادق ) صنيعة المستعمر البريطاني .
والله سبحانه وتعالى يقول : ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) صدق
الله العظيم ، فبدأت تلوح في الأفق بشريات الحركات الإسلامية التصحيحية بواسطة
شباب أقوياء بإيمانهم وصدقهم مع الله حادبين على المصلحة العامة تحملوا الهم
الكبير وصولاً إلى القايات متحدين كل العمل العلماني الإستعماري بصدق وذكاء
ومثابرة ، فكانوا ينظرون ويراقبون بعين الشفقة والخوف والإيمان لكل مخططات
بريطانيا تجاه الشعب السوداني أثناء وبعد الاستعمار ، إلا أن المد العلماني كان
أقوى لأن الكـتلتين الكبيرتين ( الأمة ، الاتحادي ) كانتا تحت التأثير المباشر
للمفاهيم العلمانية فتم تحييد الشعب السوداني عن المنهج الإسلامي بذكاء فصار
السودان مقاطعة بريطانية في الثقافة والمناهج العلمية والسلوك الاجتماعي حتى
الريف السوداني لم يسلم من تلك المفاهيم فكانت ( الخمارات ) لها إعلان وترويج
واضح في شكل رايات حمراء تدل الضال على مكان الضلال ، وكانت مناسبات الأفراح
تقدم فيها الخمور لعامة الناس شيباً وشباباً نساءاً ورجالاً ، وكان يسأل الضيف
القادم إلى المناسبة ( أنصاري ولا مراسي ) هذا المثل ينطبق على مناطق شمال
كردفان بالتحديد في المنطقة الواقعة بين ( الأبيض وبارا ) وأنا شاهد عيان
والأنصار المقصودين هم ليسوا أتباع السيد الصادق بل هم أنصار المهدي وللأمانة
والتاريخ استمر هذا الحال حتى العام 1983م .
فالننظر إلى تلك الحقبة من الزمان التي تمتد من نهاية القرن التاسع عشر وحتى
نهاية القرن العشرين أي مئة عام من الحياة بمفاهيم علمانية حتى صار المواطن
البسيط في تلك المنطقة ومناطق أخر يعتقد أن الحرام فقط يأتي بالسرقة ولا علم له
بأن شرب الخمر حرام ولو كان من محصوله الزراعي الحلال ، فعلى سبيل المثال أحد
أجدادنا البسطاء الذين عاشوا في أخصب فترات الاستعمار الفكري في المنطقة سابقة
الذكر – كان يستغرب أيما استغراب عندما ينصحه أخاه رجل الدين الفكي ( آدم )
بالابتعاد عن شرب الخمر ( المريسة ) بحجة ( الحُرمة ) فيقول : بعد أن يصفق يديه
" عيش زرعتوا بي يدي وزوجتي القاعدة دي سوتو مريسه ، الحُرمة دي جاتو من وين "
– ، وأيضاً جاءت مجموعة ممثلة لقرية من القرى في زيارة للشيخ البرعي رحمه الله
طالبين البركة لمحصولهم الوفير الذي من الله عليهم به ، فقال لهم البرعي إن شاء
الله تاكلو بالعافية والسلامة فردوا عليه قائلين - والله أكل ما بتأكل إلا كان
شراب - عفواً هذا كان واقعاً معاش والآن قد تكون رواية تحتمل الصدق والكذب ،
ولكن ما أقصده هنا الفهم الغريب للحلال والحرام بأن العيش حلال مزروع وليس
مسروق فمن أين تأتي الحرمة . الذي أريد قوله أن المفاهيم العلمانية تأتي
بالتساهل في الأحكام الشرعية وعدم تطبيقها بقصد وبغير قصد فإذا كان ذلك من غير
قصد يعد جهل وغفلة وإن كان بقصد يعد كفر وردة ، والمفاهيم العلمانية من السهل
على المسلم الصادق مع ربه التعرف عليها ولكن يتعصى فهمها على المتساهلين فإلى
متى يعيش الناس تحت تأثير مخدر العلمانية .
أخيراً من أراد أن يكون على سفينة الفرقة الناجية عليه أن يعي مفهوم الرسالة
المحمدية ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( الخير في وفي أمتي إلى أن تقوم
الساعة ) ويجب الإبتعاد عن المفاهيم العلمانية السائدة لأنها القاسم المشترك
بين الغافلين من المسلمين وأعدائهم ، فهل يستوي من يعيش للدنيا وزخرفها والذي
يجعلها مطية للآخرة ، وهل يستوي الذي يبيع نفسه لله عز وجل والذي يشتري منه
الشيطان بسعر بخس ، هذه التساؤلات يجب أن يستفتي فيها المرء قلبه ويستخير فيها
ربه ويستشير من يثق في اخلاصه لله عز وجل ، نصيحتي الأخيرة للسيد الصادق المهدي
أن يخـتار الطريق الذي إختطه ( إمام ) الأنصار ( المهدي ) وليس الطريق ( المعبد
) من أجل ( سيد ) حزب الأمة القومي ...

والله المستعان

[email protected]

_________________________________________________________________
للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved