ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان
مؤتمر المانحين علي الأبواب..فهل يكون أول ضحايا الحالة الهستيرية؟ بقلم بدر الدين أبو القاسم محمد
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 4/10/2005 11:54 ص
رفض الحكومة السودانية للقرار 1593 وسكوتها المتعمد عن قراري مجلس الأمن (1590) ،(1592) واللجوء إلي التعبئة العامة ومحاولة نفخ الصور لشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع والاستمرار في كيل الشتائم إلي السيد الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وحكومات الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والتنكر لدورها البارز في التوصل إلي اتفاقية السلام الشامل بالإضافة إلي دورها المنتظر في توفير الدعم المادي خاصة في مؤتمر المانحين باوسلو منتصف هذا الشهر فضلاً عن دعمها في إغاثة المنكوبين الذين كاد أن يتجاوز عددهم المليوني شخص خاوي البطون ، يلتحفون الثري في مشهد يستفز كل من لديه ضمير حي ،لأمر يبعث علي الحيرة ويؤكد للأسف الحقيقة التي مفادها أن الحكومة السودانية التي تدير الشأن السياسي غير راشدة وتتعامل بالفعل ورد الفعل وتعبيء جماهير الشعب السوداني في اتجاه خاطيء تماماً وأن صقورها الذين يتحكمون بمفاتيح اللعبة السياسية لا يجيدون التعامل مع القضايا الكبيرة والحساسة ، مما يدلل علي أن وجودهم في مثل هذه المواقع لم يكن عن جدارة واستحقاق. أصوغ المثل التالي وما يعكسه من تعامل راقي لدولة من دول المنطقة العربية ولها ثقلها العربي والإسلامي ، المملكة العربية السعودية حين تعاملت مع قضية من العيار الثقيل سياسيا ودبلوماسيا وكان الحرج كبيراً لدولة تعتبرها حليفة لها، قضية ضرب برجي التجارة العالميين في الولايات المتحدة الأمريكية حين تبين أن خمسة عشر من شبابها نفذوا ذلك الهجوم والتي عرفت فيما بعد بأحداث الحادي عشر من سبتمبر التي غيرت التاريخ السياسي والدبلوماسي وأعادت المسألة الأمنية في صدارة الأولويات لدى الدول الكبرى فضلاً عن الدول الصغرى. فهل لجأت الحكومة السعودية إلي إثارة العواطف والتعبئة تحسباً لردود الفعل الأمريكية؟ علماً بأن الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية ساعتها كان مفتوحا علي كل الاحتمالات. إن لجوء الحكومة السودانية ومتاجرتها بالقرار 1593القاضي بمحاكمة متهمين بارتكاب جرائم حرب في دارفور بغرض حشد الجماهير خلفها مدعية أن القرار يمس السيادة الوطنية والكرامة ، تتجاهل عن عمد إلتزاماتها الدولية والدور المناط بها القيام به لوضع حد لقضية الحرب الدائرة في دارفور بمساعدة المجتمع الدولي وليس الدعوة إلي المقاطعة والمعادة. كيف يغيب عن البال دور المجتمع الدولي ومساهمته الفاعلية في صنع الاستقرار في السودان وكيف نطلب منه تقديم المساعدات المالية ونتجاهل ضغوطه علي الأطراف المختلفة بوقف الحرب واللجوء إلي العملية التفاوضية ، وعليه ربما تحول مؤتمر المانحين إلي ورقة ضغط لتقديم تنازلات في ملف دارفور لأنه حاضر بقوة ولا يمكن تجاهله بأي حال من الأحوال. ويعتبر موقف الحكومة السودانية ضعيف جداً حين أبدت الحركات المسلحة تسليم متهميها إلي ساحة العدالة الدولية, فهل في هذه الحالة سوف تتبرأ منهم الحكومة السودانية علي أنهم ليسوا سودانيين أم ماذا؟. وزاد الأمر تعقيداً الرئيس عمر حسن أحمد البشير بتصريحاته المتعجلة والمرتجلة وارتكب خطأ مركباً أولاً: من ناحية العرف الدبلوماسي حين أقدم وبإرادته الحرة قطع الطريق عن تدفق سير العملية السياسية التي لا تؤمن بالقطعيات والحتميات ، وتقضي بأن الأمر قابل للتداول والتدارس بين الأجهزة المختلفة للدولة ( المجلس الوطني ، مجلس الوزراء) وفي سبيل ذلك يمكن تصحيح الخطأ حين يرد من المؤسسات الدنيا ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من يصوب رئيس الجمهورية إذا أخطأ الذي يتربع علي رأس هرم السلطة ؟ ثانيا : استخدام الجانب الديني حين أقسم بألا يسلم إي مواطن سوداني كي يحاكم خارج السودان. وهنا لا بد من الرجوع إلي الوراء قليلاً وأقول له نقطة نظام يا سيادة الرئيس فهذا المواطن الذي تدعي الدفاع عن كرامته وسيادته تعذب جسده الطاهر داخل بنايات بيوت الأشباح والسجون ومعروف سجلكم فيما يتعلق بحقوق الإنسان فلا تدعي البراءة وتقول لنا أن قلوبكم تتفطر حزنا عليه وصدقني أن العدالة الدولية وما تكفله من شروط تتعلق بالاتهام والدفاع وسجونها في حالة إدانة من ارتكب جرما ما أرحم بكثير. الحكمة تقتضي التعامل مع القرار وقبوله برحابة صدر ، وعلى 51 متهماً تسليم أنفسهم لساحة العدالة الدولية وهنا أحي حركتي دارفور المسلحتين تحرير السودان والعدل والمساواة علي الموافقة بالامتثال لهذا القرار، فكل ما هناك حتى هذه اللحظة مجرد اتهام فإن كانوا فعلاً أبرياء فسوف يشهد المجتمع الدولي بأسره علي ذلك ومن كان مداناً فعليه أن يلقى جزاءه جراء مارتكبه من جرم. إن التذرع بأن القضاء السوداني هو من يقوم بهذه المحاكمات حرث في البحر لأن المنطق يقول أن المجتمع الدولي لو كان يثق في أن المؤسسات القضائية للدول الأعضاء تستطيع القيام بهذه المهمة ، لكانت الدعوة في الأصل باطلة لقيام محكمة الجزاء الدولية كجهة اختصاص تقع عليها المسئولية والتأهيل القيام بهذا الدور. ولما تثنى رؤية الرئيس المعزول ميلوسفيتش خلف قضبان هذه المحكمة تسائله عما قام به من جرم ضد أبناء شعبه وعلينا ألا ننسى بأن الضحايا هم أيضاً مسلمون. فهل يخشى الرئيس عمر حسن أحمد البشير من أن يكون أول رئيس دولة مسلم يشرف للأسف كرسي الاتهام لدى تلك المحكمة ؟ علماً بأن الضحايا هم مسلمون حتى لا يقال أن الصليبيين يريدون القصاص لأبناء جلدتهم فنحن نستمتع بترديد مثل هذه الترهات. الخلاصة هي أن إصلاح ما تم إفساده يحتاج إلي معجزة سياسية تضع الحصان أمام العربة وليس العكس. وإذا ما استمر الحال وبقى علي ما هو عليه من تجييش وإثارة للعواطف داخلياً ، وتوتر خارجي يرقى إلي مسألة المواجهة مع مجلس الأمن ، يكون من السذاجة بمكان التصريح بأن مؤتمر المانحين سوف يكون كما تشتهي الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان. فهل ترسل الحكومة السودانية إشارات واضحة وعملية تبعث الطمأنينة في نفوس المانحين وتدعوهم إلي التبرع بسخاء؟ لأن اتفاقية السلام الشامل تعتمد في مصادر تمويلها( (FUNDING RESOURCES علي المجتمع الدولي (IC). صحيح أن العملية من الناحية النظرية منفصلة ولكن من الناحية العملية متداخلة ومتشابكة إلي أبعد الحدود ويؤثر كل منها في الآخر ويتأثر به.